صرّح الدكتور أشرف لطيف تادرس -رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث
الفلكية والجيوفيزيقية- بأن مذنّب "بان ستارز" سطع أمس (الإثنين) في الأفق
الغربي من سماء القاهرة ودول نصف الكرة الشمالي بعد غروب الشمس، وذلك لأول
مرة منذ اكتشافه في عام 2011، حيث قضى المذنّب المكتشف معظم وقته مرئيا في
نصف الكرة الجنوبي فقط، مؤكدا أن زيارة المذنب لا تشكّل أي خطر على كوكب
الأرض وسكانه.
وقال الدكتور أشرف لطيف تادرس إن المذنّب ذا الذيل
الطويل والمميز يمكن مشاهدته أيضا على مدى الليالي الثلاث القادمة بشكل
أوضح في سماء القاهرة بالعين المجردة، في ظاهرة لا تتكرر سوى كل عشرة
أعوام، وقبل أن يخبو لمعانه وتصعب رؤيته، نظرا لابتعاده عن الشمس بنهاية
الشهر الحالي.
وأشار إلى أن مذنب بان ستارز سيبقى في السماء بعد
غروب الشمس بمدد تقدر بـ68، 70، 73 دقيقة اليوم (الثلاثاء) وغدا وبعد غد،
وسيكون المنظر رائعا غدا مع ميلاد شهر جمادى الآخر للعام الهجري الحالي، إذ
سيقع الهلال على بعد 5 درجات فقط من المذنب، حيث سيكون الهلال إلى الأعلى
من الهلال ومائلا نحو اليمين بعض الشيء، وبالتالي يمكن الاستعانة بالهلال
لمعرفة موقع المذنب في ذلك اليوم.
وأضاف أنه لرؤية المذنب يجب على
الراصد النظر إلى جهة الغرب بعد حوالي 30 دقيقة من غروب الشمس فوق المنطقة
التي غربت عندها الشمس، وعندها سيظهر المذنب كبقعة حمراء صغيرة ذات ذيل
مميز، مؤكدا أن الرؤية تكون أفضل عندما يخفت وهج السماء بعد الغروب، ولكن
على الراصد ألا يتأخر كثيرا حتى لا يصبح المذنب قريبا من الأفق وبالتالي
تصعب رؤيته.
كما أوضح أن مذنب بان ستارز، بدأ في الظهور في النصف
الشمالي من الكرة الأرضية ابتداء من أواخر شهر فبراير الماضي -مجرد بضعة
درجات فوق الأفق من بعد غروب الشمس-، وازداد لمعانه تدريجيا ليصل أقصاه
منتصف الشهر الحالي، وأصبح مرئيا ابتداء من يوم الجمعة الماضي، إلا أن
رؤيته كانت ولا تزال صعبة بسبب موقعه القريب من الشمس، فهو يغرب بعد غروب
الشمس بفترة وجيزة، إلا أن مدة بقائه بعد غروب الشمس ازدادت بمرور الأيام
بما سمح برؤيته.
وأكد أن أفضل رؤية للمذنب في مصر تكون بعد انتهاء
الشفق المسائي خلال الفترة من اليوم وحتى يوم الإثنين القادم، لافتا إلى أن
لون المذنب يميل إلى الإحمرار ويصاحبه ذيل طويل نسبيا على مسافة تقدّر
بحوالي درجة ونصف درجة في سماء الأفق الغربي للبلاد.
وقال إن تصوير
مذنب بان ستارز يعدّ من أهم ما يقوم به الفلكيون وهواة التصوير حول العالم،
ولذلك فإنهم يتابعون زيارته لكوكب الأرض عن كثب والتي سيشاهدها الملايين
في النصف الشمالي من الكرة الأرضية بالتلسكوبات الفلكية والنظارات المعظمة
العادية.
ووجّه الدكتور أشرف لطيف تادرس الدعوة للجماهير من محبي
الفلك وهواته لرؤية المذنب، من حلوان، ابتداء من غروب الشمس اليوم، مشيرا
إلى أن رصد هذا الحدث المميز لا يحتاج إلى أدوات فلكية، فيمكن رصده بالعين
حتى من داخل المدن، ولكن يفضل أن يكون الرصد في مكان مظلم وبعيد عن إضاءة
المدن شريطة أن تكون السماء صافية من الغيوم والغبار، حيث يمكن ملاحظته في
الأفق الغربي بعد غروب الشمس مباشرة ويزداد وضوحا مع غياب الشفق الشمسي،
ويمكث المذنب في الأفق لمدة ساعة ونصف بعد مغيب الشمس.
وذكر أن مذنب
بان ستارز يقع الآن في مجموعة (برج) الحوت، وبسبب حركته المستمرة في
السماء فإنه سينتقل إلى مجموعة "المرأة المسلسة" يوم 22 مارس الحالي، موضحا
أن اسم مذنب "بان ستارز" يرجع إلى اسم مجموعة تلسكوبات "بان ستارز"
المستخدمة في اكتشافه من خلال مشروع مسح السماء الأوتوماتيكي الذي نفّذته
جامعة هاواي الأمريكية، منوها إلى أن المذنب عند اكتشافه كان لمعانه ضعيفا،
وازداد لمعانه بالتدريج أثناء رحلته في مداره إلى الشمس في شهرى يناير
وفبراير الماضيين، فيما يصل إلى أقصى درجة لمعان منتصف شهر مارس الحالي.
وأضاف أن المذنب بان ستارز هو أحد المذنبات القادمة
من سحابة "أوررت" الواقعة على أطراف المجموعة الشمسية، والمذنبات يمكن
اعتبارها من مخلفات النظام الشمسي، وهي عبارة عن كتل مختلفة الأحجام
والأقطار تتكون من الغازات والأتربة مختلطة بكميات كبيرة من الجليد،
وغالبا ما تكون مجتمعة في سحابة ضخمة للأجسام المتجمدة والبعيدة جدا عن
الشمس تعرف بسحابة "أوررت"، ثم تقذف هذه الكتل إلى الفضاء وتقترب بعضها من
الشمس، وأثناء اقترابها منها تتبخر مادتها الجليدية متحولة إلى الحالة
الغازية، ونتيجة لذلك تدفعها الرياح الشمسية بعيدة عن نواة المذنب مكونة
ذيلا طويلا تجره خلفها في الفضاء، والذيل هذا هو من أكثر الأشياء المميزة
للمذنبات بصفة عامة.